تقارير

الحوار من أجل عقد مؤتمر وطني شامل هو الأمل الحقيقي للوحده

 

في لقاء خاص مع درعا 24، قال المستشار رامي الشاعر، إن الوقت لا يزال مبكرًا لإجراء تقييم شامل لأداء القيادة السورية الحالية، مشددًا على ضرورة منحها مزيدًا من الوقت والفرص، ومؤكدًا في الوقت ذاته وجود مؤشرات إيجابية وتحركات مطمئنة توحي بأن الأوضاع في سوريا مقبلة على تحسّن تدريجي.

وأوضح الشاعر أن السوريين، بمختلف انتماءاتهم ومكوناتهم السياسية والاجتماعية، بدأوا يطرحون مبادرات وطنية تعبّر عن رغبتهم بالمشاركة الفاعلة في رسم مستقبل بلادهم بالتعاون مع القيادة المؤقتة الحالية. واعتبر أن هذه المبادرات تعكس إرادة شعبية حقيقية في بناء مستقبل مشترك.

وتوقف عند بعض المبادرات البارزة، مثل نداء الرئيس أحمد الشرع للحوار الوطني، وبيان وقّعه نحو 200 ناشط سوري، من بينهم الفنان المعروف جمال سليمان، وكذلك مبادرة المفكر برهان غليون التي دعت إلى شراكة واضحة بين كل مكونات المجتمع، ومبادرة السياسي هيثم مناع التي أكدت على تأسيس “سوريا المواطنة الجامعة” والمبادرة التي تم الاعلان عنها مؤخراً في صحيفة قاسيون. وأضاف أن هذه التحركات، رغم صعوبة المرحلة، تدل على أن الأزمة قابلة للتجاوز، خاصة مع استمرار وجود الإرادة السورية، التي وصفها بأنها العامل الأهم لتحسين الأوضاع، بما في ذلك في الجنوب السوري. وأكد الشاعر أن ما يحدث في السويداء من توترات محلية يجب أن يُعالج بالحوار الوطني، وليس بالمواجهة، مشددًا على أن موقف الحكومة الروسية واضح وثابت في دعم وحدة الأراضي السورية، ورفض أي نزعات انفصالية أو صراعات داخلية، مع التأكيد على أهمية التعايش بين جميع المكونات ضمن الدولة السورية الواحدة.

وفي ما يتعلق بالموقف الروسي، أشار الشاعر إلى أن موسكو، ومنذ تدخلها العسكري في سوريا عام 2015، عملت على فرض نظام تهدئة شامل ومنع الاقتتال الداخلي، بناءً على طلب رسمي من الدولة السورية وقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي. وأكد أن روسيا لا تزال تؤمن بقدرة السوريين على تجاوز أي أزمة داخلية، وتتمسك بوحدة سوريا وسيادتها، ورفض أي تدخل خارجي في شؤونها.

وشدد الشاعر على أن الرئيس فلاديمير بوتين جدّد مؤخرًا موقف موسكو الثابت في دعم وحدة وسلامة الأراضي السورية، نافياً وجود أي طموحات روسية للنفوذ، ومؤكدًا أن العلاقة بين البلدين تستند إلى التعاون والمصالح المتبادلة. كما وجه رسالة مباشرة إلى إسرائيل قائلاً إن “أي تدخل خارجي في الشأن السوري مرفوض”، مشيرًا إلى أن نقاط المراقبة الروسية على حدود الجولان تأتي تنفيذًا لقرار أممي، ووظيفتها توثيق الخروقات وإبلاغ مجلس الأمن بها، وليست منتشرة على كامل الحدود أو ذات طابع عسكري مباشر.

أما بشأن الضباط السوريين الذين نُقلوا إلى شمال شرق سوريا، فأوضح الشاعر أن عددهم لا يتجاوز أصابع اليد، مشيرًا إلى أن ذلك كان خيارًا شخصيًا منهم، وأن روسيا لم تُجبر أحدًا على المغادرة. وأضاف: “حتى بشار طلبنا منه المغادرة، وقدّمنا له ضمانات للعيش في روسيا”.

وفي سياق العلاقات الثنائية، أكد الشاعر أن العلاقات بين سوريا وروسيا تستند إلى أسس صداقة متينة، رغم التغيرات السياسية التي طرأت مؤخرًا، مشددًا على أن “لا يوجد أي خيار آخر سوى تعزيز هذه العلاقة”. وقال إن زيارة وزير الخارجية السوري إلى موسكو، والتي تم توجيه الدعوة لها منذ فترة، تأخرت لأسباب تتعلق بانشغال الوزيرين، وليس نتيجة أي تباين سياسي، وأن الهدف منها هو مناقشة جميع الملفات المطروحة بين الجانبين.

وتابع الشاعر بأن الإدارة السورية الجديدة تكنّ لروسيا كل المودة والاحترام، وتحترم طبيعة التعاون القائم في ملفي قاعدة حميميم وميناء طرطوس، كما تلتزم بموقف واضح حيال وحدة الأراضي السورية وضرورة استعادة المناطق المحتلة.

ولدى سؤاله عن مصير الرئيس السابق بشار الأسد، أوضح أن الإدارة السورية الحالية “لا تطالب بتسليمه”، بل “تُقدّر الدور الذي قامت به روسيا في مساهمتها بتسليم الحكم بشكل سلمي، ومن دون إراقة دماء”.

أما بخصوص ما يُثار حول تهريب أموال سورية إلى روسيا، فقد نفى الشاعر هذه المزاعم جملة وتفصيلًا، وقال: “لا توجد في روسيا أموال سورية كتلك التي يُتداول الحديث عنها إعلاميًا، لا في البنوك الروسية ولا في النظام المالي. من المعروف أن بعض المسؤولين السوريين يفضلون وضع أموالهم في دول عربية، وكل ما يُشاع حول روسيا في هذا السياق مبالغ فيه جدًا”.

وحول مسار العلاقات المستقبلية بين موسكو ودمشق، أكد الشاعر أن المحادثات المقبلة “ستُركز على العلاقات السياسية والعسكرية والتعاون الأمني الاستراتيجي”، وأنه “لا توجد أي خلافات جوهرية بين البلدين”، بل إن التعاون العسكري بينهما سيستمر بل وسيتوسع، رغم المتغيرات الحاصلة في المشهد السوري.

وفي ختام حديثه، أشار الشاعر إلى وجود تواصل دبلوماسي وعسكري مستمر بين دمشق وموسكو، وأن الترتيبات جارية لزيارة وزير الخارجية السوري إلى موسكو، والمتوقع أن تتم في نهاية الشهر الحالي.

كما عبّر عن أمنيته الشخصية بأن تنتهي الأزمة السورية بشكل نهائي، وأن يعود كل السوريين—ضباطًا، مسؤولين، ومواطنين—إلى وطنهم، قائلاً: “سوريا كانت وستبقى لكل أبنائها، ويجب أن تُطوى صفحة الانقسامات إلى الأبد”.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى